أهمية التوافق بين قيم العاملين وقيم المنظمة
يعتبر البعد القيمي من أهم عناصر النجاح، وقد أكدت معظم دراسات السلوك التنظيمي على أن من أهم مسببات الرضا الوظيفي توافق قيم الأفراد مع قيم المؤسسات حيث يعمل الفرد في بيئة محفزه ترفع من روحه المعنوية وتنعكس آثارها على أدائه بشكل عام. ومن هنا تنبع أهمية سعي المنظمات إلى تحقيق التوافق القيمي بين قيم الفرد وبين قيم المنظمة، لأن تحقيق هذا التوافق في إطار متكامل يقلل من فرص وجود الصراع القيمي ويساهم بدرجة عالية في تحقيق الأهداف المنشودة .
  وقد ركزت الكثير من الدراسات العلمية والأبحاث قديما وحديثا على أهمية القيم في العملية الإدارية فعلى سبيل المثال أشارت بعض الدراسات التي قامت بها جامعة ميتشيجن إلى أهمية القيم الإدارية، وقام العالم ليكرت بإجراء عدة أبحاث لتحليل سلوك القائد ودراسة اثر قيمه واتجاهاته على إنتاجية العاملين.
ومن جانب آخر فإن هناك دراسات ركزت على أهمية القيـــم الشخصية والاعتقادات التي يتبناها المدير أو القائد في المنظمة ودورها في تفعيل العملية الإدارية، وتبين أنه كلما زادت القيم الإيجابية لدى القادة الإداريين كلما أثر ذلك على كفاءة الإجراءات الإدارية، ويكون ذلك عن طريق تفهم القادة لقيم مرؤوسيهم وبالتالي مشاركتهم مشاعرهم وهمومهم مما يعكس أفضل الأثر في نفسياتهم والعكس كذلك والموظف الذي يري أنه على خلاف في القيم مع مجموعته أو رؤسائه أو مع قيم المنظمة التي يعمل فيها، فإنه يتصرف علي نحو مختلف، مما ينشئ صراعا يولد انقسامات وفصلا بين الأفراد العاملين داخل المنظمة.
وإذا أردنا أن نعرّف القيم، فسنجد تعاريف متعددة ومختلفة احياناً تبعاً للخلفية التي انطلق منها كل باحث، فيرى بعض الباحثين ان القيم هي "المعايير أو المقاييس المستمرة التي تمد الفرد بأحكام يستخدمها لتنظيم وترتيب الرغبات"، ويعرف (Clyde) القيم بأنها:"تصورات للتفضيل وهي جزء من الثقافة"، ويمكن تعريف القيم على أنها معايير تستخدم للتحكم في السلوك وفي الاختيار بين الأهداف المتنوعة التي يطمح الفرد الي تحقيقها وبذلك فهي الموضوع الأكثر أهمية في حياة الإنسان وعلى ضوئها يتم الحكم على سلامة سلوكه واستقامته أو انحرافه.

والقيم يمكن تقسيمها إلى قيم شخصية وقيم تنظيمية يمكن تعريفها على الشكل الآتي:
1-    القيم الشخصية هي قيم الأفراد التي تمثل أحكامهم الخاصة ومبادئهم التي ينظرون من خلالها للمواقف أو العلاقات المحيطة بهم، ويعرف (Halstead) القيم الشخصية بأنها "المبادئ والمعتقدات الأساسية والمثل والمقاييس التي تعمل مرشداً عاما للسلوك أو نقاط تفضيل في صنع القرار أو لتقويم المعتقدات والأفعال". ومن أبرز القيم الشخصية: الإتقان، والمبادرة، الأخلاق، والتطوير الذاتي، والمهارة والتخصص، والأمانة.
2-    أما القيم التنظيمية فهي مجموعة القيم التي تعكس الخصائص الداخلية للمنظمة التي تعبر عن فلسفتها وتوفِِّر الخطوط العريضة لتوجيه السلوك التنظيمي وصنع القرارات فيها. ومن أبرز القيم التنظيمية: الجودة، والتنافس، والعدالة، والنمو والتطوير، والكفاءة  ووحدة السلطة.

وإيجاد التوافق بين القيم الشخصية والقيم التنظيمية يتم من خلال إيجاد توافق بين القيم والاعتقادات التي يتبناها الأفراد، وبين القيم السائدة في المنظمة بما يحقق ثقافة تنظيمية واحدة متماسكة من القيم تدفع عملية السلوك الإداري نحو الاستقرار والرضا والنجاح،  والشكل التالي يوضح نتيجة التوافق القيمي بين الأفراد والمنظمة.
 

وبذلك نخلص إلى أن قيم الأفراد المندمجة مع قيم المؤسسة تشكل نموذج للتوافق القيمي الذي يقود المؤسسة إلى تحقيق أهدافها في جو من الرضا والارتياح الذي  ينعكس بدوره إيجابا على جودة الأداء ومن ثم القدرة على تحقيق الأهداف المنشودة، وبالتالي يجب أن تسعى كل منظمة لتحقيق هذا التوافق ما أمكن. ويتضح من خلال الدراسات أن التوافق القيمي يمر بخمسة مراحل هي:
1-    مرحلة تقييم الواقع الفعلي عن طريق البحوث والدراسات العلمية التي تنصب على  قيم القادة الإداريين  بصفة خاصة وقيم الموظفين بصفة عامة.
2-    مرحلة اكتشاف الفجوة بين القيم الشخصية والقيم التنظيمية.
3-    مرحلة التوافق والدمج وتعني تحليل القيم التنظيمية والقيم الفردية ووضع نموذج أولي للقيم المطلوبة مع خطة للتطبيق .
4-    مرحلة التسويق للنموذج الجديد وتغيير القناعات بأهمية القيم الإدارية المتفق عليها والالتزام بها تطبيقها.  
5-    وأخيراً مرحلة التحفيز والدعم للتطبيق والتي تتطلب تكاتف الجهود في سبيل حسن التطبيق.

أضيف بتاريخ :2016/08/27

تعليقات الزوار
الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد