الذكاء العاطفي واهميته في مكان العمل
لا شك أن كل منظمة يهمها أن تكون فاعلة وناجحة في تحقيق أهدافها، لا سيما في عالم اليوم حيث التحديات والتهديدات المتزايدة وفي ظل التنافس الشديد على الموارد المالية والبشرية المحدودة، وفي ظل البيئة المتغيرة والمتقلبة.
    ويختلف الناس في قدراتهم ونظرتهم للعمل ودرجة ارتباطهم واستجابتهم ومستويات الجهود المبذولة تختلف تبعاً لذلك، ومن هذه القدرات التي قد يتمتع بها بعض العاملين عن البعض الآخر ما يعرف بالذكاء العاطفي، والذي بدأ في الوقت الحالي يجذب انتباه الباحثين وقبلهم أصحاب وممولي المنظمات والمؤسسات لما سوف يعود على تلك المنظمات من زيادة وتطوير في الأداء بين العاملين.

ويعد مفهوم الذكاء العاطفي مفهوماً حديثاً جذب انتباه كثير من الباحثين والعامة، ورغم أن أول من أطلق مسمى الذكاء العاطفي motional intelligence) ) هما "سلوفي وماير" وكان ذلك في عام 1990 إلا أن السبب في انتشار هذا المفهوم هو "دانيال غولمان"  في كتابه المعنون بـ:  (Emotional Intelligence: why it can matter more than IQ?)  والذي كان إصداره في عام 1995 وثم تبعته بعد ذلك الكثير من المقالات والتي توضح فكرة أن النجاح في الحياة الاجتماعية أو المهنية لا يعتمد على قدرات الفرد الذهنية (الذكاء العقلي)، ولكن على ما يملكه هذا الفرد من قدرات اصطلح على تسميتها بالذكاء العاطفي.
ويرجع الانتشار الواسع للدراسات المتعلقة بالذكاء العاطفي خلال فترة وجيزة إلي أنه يساعد القائد علي اكتساب مصادر متعددة للقوة والتأثير في سلوكيات ومخرجات المرؤوسين بما يمكنه من أداء أدواره القيادية. وهذا ما تبحث عنه المنظمات اليوم. وتشير الدراسات النفسية والاجتماعية إلي أن تركيبة القدرات المتعلقة بالذكاء العاطفي هي التي تشكل الإدراك وترشد سلوك وقرارات القائد وتحدد أولوياته وأنماط تعاملاته مع البيئة.
وقد عرف سالوفي وماير الذكاء العاطفي بأنه: قدرة الفرد على رصد مشاعره وانفعالاته الخاصة ومشاعر الآخرين وانفعالاتهم، وان يميز الفرد بينهم وان يستخدم هذه المعلومات في توجيه سلوكه وانفعالاته .
أما الأبعاد الخمسة للذكاء العاطفي كما يراها جولمان والتي يرى أنه يجب أن تتواجد في كل نشاط فردي وجماعي، فتشمل على ما يلي:
  •  الوعي بالذات Self- Awareness (تعرف على عواطفك وانفعالاتك): فمعرفة الفرد لعواطفه و وعي الفرد بذاته وإدراك مشاعره حال حدوثها هو أساس الثقة بالنفس وهو الأساس الذي يبني عليه الفرد قراراته التي يتخذها في مجمل الأمور وشئون حياته التي تتطلب إتخاذ القرارات.
  •  معالجة الجوانب الوجدانية Managing Emotions ( إدارة انفعالاتك ومعالجة الجوانب الوجدانية والعاطفية): وهو يعتبر البعد الثاني من الأبعاد الخمسة للذكاء العاطفي، ويهتم بكيفية معالجة وتعامل الفرد مع المشاعر التي قد تزعجه أو تؤذيه، والقدرة على التعامل مع المشاعر بحيث تكون متوافقة مع المواقف الحالية.
  •  الدافعية Motivation (القدرة على تحفيز الذات): وهي تقدم الفرد والسعي نحو دوافعه، كما يعتبر الآمل محفز ومكون للدافعية لكثير من الأفراد مما يجعلهم يتمسكون بتحقيق أحلامهم وطموحاتهم بكل عزيمة وإصرار.
  • التعاطف العقلي Empathy (القدرة على التعرف وفهم عواطف الآخرين): ويعني التفهم ففي حين اهتمت الأبعاد الثلاثة السابقة لذكاء العاطفي بذات الفرد وما يدور في داخلة، أهتم هذا البعد بعلاقاته بالآخرين، فهو يعني قراءة مشاعر الآخرين والتعرف على تعبيراتهم من خلال أصواتهم ووجوههم وحتى تلميحاتهم.   
  •  المهارات الاجتماعية Social Skills (إدارة انفعالات الآخرين): ويعني كيفية علاقات وصداقات الفرد وحسن إدارتها مع الآخرين والتعامل المجتمع بكل مهارة واقتدار، وحل المشكلات والنزاعات والقدرة على التفاوض.


أهمية الذكاء العاطفي:
    إن القدرة على السيطرة على العواطف والانفعالات هي أساس الإرادة وأساس الشخصية الناجحة. والأفراد الذين يدركون مشاعرهم وعواطفهم بصورة دقيقة يتعاملون مع الموضوعات الانفعالية بصورة أفضل، ومن ثم يتمتعون أكثر بحياتهم قياساً بأولئك الذين يدركون مشاعرهم وعواطفهم بصورة أقل دقة، وللذكاء العاطفي تأثير على قدرة الفرد على التكيف مع متطلبات البيئة المحيطة به والتعامل مع ضغوطها، وهذا ما أشار إليه (بار-أون) و(جولمان) من أهمية الذكاء العاطفي في النجاح بالحياة والسعادة.
وتشير الدراسات في مجال الذكاء العاطفي إلى أنه يرتبط إيجابياً بمجموعة من المتغيرات المرغوبة شخصياً واجتماعياً:
•    الذكاء العاطفي يرتبط إيجابياً بالرضا عن الحياة.
•    ويرتبط بجودة العلاقات الاجتماعية للفرد وحجمها
•    ومرتبط بالعلاقات الإيجابية مع الأصدقاء.
•    والأفراد الأكثر ذكاء عاطفي أكثر قدرة على التكيف الاجتماعي والمخالطة الاجتماعية
•    وهم أكثر تفوقاً من الناحية الأكاديمية.
•    ووجد أن الأفراد ذوي الذكاء العاطفي المرتفع أكثر نجاحاً في حياتهم المهنية
•    وأعلى أداءً وظيفياً وشعوراً بضغوط العمل
•    ولديهم مهارات قيادية أعلى
•    ولديهم مقدرة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل والمنزل
•    وييسر عمليات التغيير التنظيمي بشكل أفضل
•    ويزيد من أداء فرق العمل
•    وتحسن الأداء الإداري

وقد توصلت الدراسات إلى ان الذكاء العاطفي يؤثر إيجابا في كفاءة المؤسسات والمنظمات من خلال ما يلي:
• الذكاء العاطفي يخلق نمطا مستقرا من العلاقات العامة الايجابية بين الأفراد والموظفين.
• يؤثر ذلك النمط من العلاقات العامة على نمو متميز باستقراره ومنهجية المؤسسية وفاعلية
   إدارته.
• الذكاء العاطفي لدى المجموعات والمنظمات يؤثر على الذكاء العاطفي لدى الموظفين والأفراد
   حيث المواقف الهانئة «السعيدة» والتغذية الراجعة توفر دوافع ايجابية وأماناً لدى الموظفين
   والأفراد مما يوفر جواً لمزيد من النمو والتطور.
• يؤثر الذكاء العاطفي للمجموعات وللأفراد في تحسين الإنتاج، لما في ذلك من قدرة على البعد
   عن الاضطراب وضغوط العمل.
• تشير نتائج الدراسات النفسية التربوية والاجتماعية إلى ان أثر ذكاء العاطفة على النجاح في
   الحياة أعلى من تأثر الذكاء العام.

أضيف بتاريخ :2016/03/21

تعليقات الزوار
الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد